صعوبة البلع: مشكلة للرضع والبالغين على حد سواء
تتميّز صعوبة البلع لدى الرضّع بأن الرضيع يكون غير قادر على التعبير عن المشاق التي يشعر بها لدى البلع وغير قادر، أيضا، على إحداث تغييرات في عملية البلع، حسب الحاجة.

عملية البلع والشرب السليمة تستلزم تنسيق نشاط عضلات الشفتين، اللسان، الفم، الحلق، المريء العلوي والعنق. منظومة البلع السليمة تمكّن من البلع بأقل جهد ممكن وتمنع دخول المشروب والغذاء إلى المسالك التنفسيّة. خلفية اضطرابات البلع وآثارها تكمن في عملية تطوّر الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان. الفم والحلق يُستعملان للأكل والشرب، وللتنفّس والتكلّم، أيضا.
بالرغم من ذلك، فقط فيما بعد يتوجّه الهواء ويتدفّق باتجاه الحلق، القصبة الهوائية والرئتين، بينما تنفصل السوائل، المشروبات والغذاء عن الهواء ويتم ابتلاعها في المريء ومن هناك إلى المعدة. أما لدى الأسماك والحيوانات البحرية فإن الخياشيم هي التي تزود الجسم بالأوكسجين ويُستعمل الفم للشرب والأكل فقط.
تشخيص وعلاج اضطرابات وصعوبة البلع يتطلب مهارة خاصة لأن منظومة البلع معقّدة جداً وخفية عن العين. لدى المواليد الجدد والرضّع ترتبط عمليتا التنفّس والبلع بشكل وثيق أكثر مما هو الحال لدى البالغين ويختلف تقييم منظومة البلع لدى الأولاد عنه لدى البالغين.
صعوبة البلع من شأنها أن تدل أحياناً على وجود أمراض قد تكون خطيرة وصعبة ويعتبر تشخيصها المبكّر أمراً ضرورياً. اضطرابات البلع شائعة نسبياً فور الولادة، مباشرة، وهي منتشرة نسبياً لدى الرضّع، بينما يقل انتشارها مع تقدم العمر، لكنه يعود ليرتفع من جديد تدريجياً بعد عمر 60 عاما حتى يتحوّل إلى اضطراب منتشر في مرحلة العمر الذهبي.
صعوبة البلع لدى المواليد والرضّع:
يبدأ الكفاح من أجل البلع السليم عند الولادة. ويكمن السبب الرئيسي لذلك في عدم نضوج منظومة البلع، كذلك تشوهات خلقية لا يلاحظ بعضها شخص غير مهني، فروقات تشريحية، اضطرابات عصبية مثل الشلل الدماغي، وحتى اضطرابات الأكل مثل رفض الطعام. والصعوبة في البلع لدى الأطفال يمكن أن تسبب فقدان الطاقة بسهولة نسبية وقد يكون الاضطراب حادا إلى درجة إنه يشكل خطرا على الحياة. إن الاستمرار في تناول وجبة لأكثر من نصف ساعة يدل على وجود مشكلة تستلزم الاستيضاح والعلاج.
إن استمرار تناول وجبة طعام لـ 45 دقيقة وأكثر يعني استنزاف طاقة كبيرة من المولود الجديد والرضيع، الأمر الذي يؤدي إلى تشكيل خطر على الحياة. المصّ، الرضاعة والبلع - تشكل جزءا هاما في تطوّر الرضيع وتجربته في الحياة، بالإضافة إلى العلاقة بينه وبين أمه بشكل خاص وبأهله والبيئة المحيطة به بشكل عام.
تتميّز صعوبة البلع لدى الرضّع بأن الرضيع يكون غير قادر على التعبير عن المشاق التي يشعر بها لدى البلع وغير قادر، أيضا، على إحداث تغييرات في عملية البلع، حسب الحاجة. بالإضافة إلى ذلك، يجد الرضيع صعوبة في تزامن التنفّس مع البلع في حال وجود مشكلة ما. ومن هنا، فقد تظهر مشكلة في عملية البلع على شكل اضطراب في عملية التنفس، وذلك بسبب استنشاق الغذاء إلى المسالك التنفسيّة، كما إن اضطرابا تنفسيا معينا، مثل الانسداد، يمكن أن يظهر كمشكلة في البلع.
بعض التشوهات الخلقية تظهر في الشكل الخارجي، مثل تمزّق الشفة والحنك، وبعضها يمكن تشخيصه فقط من قبل شخص مهني. عند التأكد من وجود تشوهات خلقية، يستوجب التعامل مع المشاكل الناتجة عنها تلقّي المساعدة. الاختلاف التشريحي يمكن أن يسبب علاقات مختلفة بين اللسان، الحنكين والشفتين.
هكذا، مثلاً، يكون مبنى فم الرضيع غير ملائم لمبنى حلمتي الأم أو زجاجات حليب معينة. صعوبة الرضاعة تستلزم إجراء فحص مهني وليس نصائح أشخاص ليسوا أطباء أخصائيين في أمراض الأنف، الأذن والحنجرة ولا يعملون في هذا المجال.
نسبة المواليد الجدد والرضَع الذين يعانون من اضطرابات البلع بدرجات متفاوتة الحدة مرتفعه جداً وتأثيراتها على الأهل والمنظومة السليمة كبيرة جداً. التشخيص الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى الرقود في المستشفى دونما حاجة لذلك، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إطعام الأطفال عن طريق أنبوب، اعتلال كبير وحتى التغذية عن طريق فتحة في جدار البطن مباشرةً إلى المعدة (فغر المعدة Gastrostomy).
في كل سنة، هنالك أطفال كثيرون في جميع أنحاء العالم يتم أطعامهم بواسطة فغر المعدة (Gastrostomy) دونما حاجة، إنما فقط لأنه لم يتم إجراء تشخيص مهني سليم وتقديم حل صحيح لاضطراب البلع لديهم.
صعوبة البلع لدى البالغين:
تقدّم العمر، أمراض معينة مثل السكري وأمراض الجهاز العصبي، الأورام على أنواعها، إصابات الرأس والعمليات الجراحية - هي الأسباب الأساسية لمشاكل البلع لدى البالغين. هنالك مشكلة صحية أخرى يمكن أن تنشأ تسمّى الجريان الرجوعي أو الجزَر (Reflux) ومعناها أن الغذاء يرجع بالاتجاه المعاكس من المعدة إلى المريء وقد يصل من هناك أحياناً حتى للبلعوم.
البلع غير السليم يمكن أن يؤدي بالأطفال إلى بلع هواء، وقد يسبب ضغط الهواء في المعدة حالة الجزَر. للأسف الشديد، نسمع مصطلح الجزر من كثير من الأشخاص غير المهنيين الذين يشخّصون كل اضطراب على انه اضطراب بلع أو جزر.
أمراض منظومة البلع مشمولة في تخصّص طبيب الأنف، الأذن والحنجرة. عند الحديث عن رضيع، يستفسر الطبيب من الوالدين عن طريقة إطعامه، بما فيها طرق الرضاعة واستعمال الزجاجات والحلمات المختلفة، بالإضافة إلى ظواهر أخرى لاحظها الأهل.
عندما يكون المريض بالغاً يسأله الطبيب المختص حول طبيعة شكواه، ثم يفحص الأداء الوظيفي للفم عند الشرب والأكل، وكذلك البلعوم والحلق، وقد يجري فحص فيديو التنظير الداخليّ (Endoscope)، أي الفحص عن طريق ألياف ضوئية خاصة من خلال الأنف.
ولكن، خلافا لما يعتقده الكثيرون فان الفحص بالمنظار غير كاف، وعندما تكون هنالك حاجة إلى فحص منظومة البلع فمن الضروري أيضاً إجراء فحص فيديو بمنظار التألّق (fluoroscope) وهو فحص اشعاعي بإمكانه الكشف عن مبنى وعمل منظومة البلع. هذا الفحص الحركي يتيح استكمال الفحص بإنتاج تصوير ثلاثي الأبعاد لمنظومة البلع.
وبالإضافة إلى ذلك، يتيح هذا الفحص تمييز وتحديد طرق العلاج وفحص تجارب طرق مختلفة للإطعام، بما في ذلك الزجاجات والحلمات وفحص طرق تنفيذها ومدى نجاعتها في تحسين البلع ومنع استنشاق المشروبات أو الغذاء إلى المسالك التنفسيّة.
وثمة من يدّعون، مؤخرا، أنه بإمكانهم إجراء تقييم لمنظومة البلع بواسطة فحص التنظير الداخلي فقط (FESS)، ولكن الأمر ليس كذلك.
الفحص بالتنظير الداخلي ليس إلاّ تنظير البلعوم الأسفل والحلق قبل وبعد عملية البلع ولا يتيح رؤية منظومة البلع أثناء عملها. كما لا يتيح هذا الفحص رؤية مرحلة الفم، ولا يمكّن من مراقبة حركات عظم اللسان أو البلعوم الأسفل والحلق في ذروة عملية البلع عندما يرتفع البلعوم وينغلق أمام الفاحص.
بالإضافة إلى ذلك، لا يسمح هذا الفحص بمراقبة الأداء الوظيفي لصمّام المريء العلوي وعملية الانتقال إلى المريء ولا يتيح مراقبة عمل المريء.
ولذلك، فمن غير الممكن في هذه الفحوصات، مثلا، تشخيص الأورام ، حتى الخبيثة منها، والتي يمكن تكون المسبب لاضطرابات بلع. بالإضافة إلى ذلك، فإن إدخال منظار لين من خلال الصمّام إلى البلعوم يكون مصحوبا بشعور غير مريح يختلف من شخص لآخر. إدخال المنظار يمكن أن يعيق عملية البلع، يغيّر من مجراها ويسبّب نتائج مغايرة، مثل تجمّع الغذاء أو اللعاب في البلعوم السفلي، دخول مسبق للغذاء، دخوله إلى الحلق وحتى إلى مجاري التنفس.
وعلاوة على ذلك، فان التخدير الموضعي في الأنف من أجل إدخال المنظار قد ينزلق إلى الخلف إلى البلعوم ويتسبّب بتغيير الشعور الموضعي، فيؤدي بذلك إلى حصول إعاقة أو تدني مستوى اليقظة وإلى نتائج خاطئة.
ومن هنا، فإن تشخيص صعوبة البلع يجب أن يتم بشكل مهني ودقيق من خلال معرفة منظومة البلع لدى المريض بشكل فردي.
تحدثي مع طبيب نسائية بخصوصية تامة في عيادة ويب طب الالكترونية

تحدثي مع طبيب نسائية بخصوصية تامة في عيادة ويب طب الالكترونية